[معاني "عن"]:
ولـ"عن" أربعة معان أيضا:
أحدها: المجاوزة1؛ نحو: "سرت عن البلد"، و"رميت عن القوس".
والثاني: البعدية، نحو: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}2؛ أي: حالا بعد حال.
والثالث: الاستعلاء؛ كقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}3؛ أي: على نفسه؛ وكقول الشاعر4: [البسيط]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المجاوزة: هي ابتعاد شيء مذكور أو غير مذكور عما بعد حرف الجر بسبب شيء قبله؛ فالأول؛ نحو: رميت السهم عن القوس، والثاني: نحو رضي الله عنك، أي جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا. والمجاوزة قد تكون حقيقية كهذين المثالين، وقد تكون مجازية، إذا كانت في المعاني؛ نحو: أخذت الفقه عن عالم متمكن، أي أن الفقه جاوزه بسبب الأخذ منه؛ والمجاوزة أظهر معاني "عن" وأكثرها استعمالا. ولم يذكر البصريون سواه.
2 84 سورة الانشقاق؛ الآية: 19.
موطن الشاهد: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "عن" مفيدة معنى "البعدية"؛ والمعنى -كما في المتن- حالا بعد حال؛ أي: من البعث والسؤال والموت؛ أو من النطفة إلى ما بعدها.
وقال الدماميني: يحتمل أن تكون" عن" على بابها، والتقدير طبقا تباعدا عن طبق آخر دونه، فيكون كل طبق أعظم في الشدة مما قبله. انظر شرح التصريح: 2/ 15.
3 48 سورة محمد، الآية: 38.
موطن الشاهد: {يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "عن" بمعنى" على" كما جاء في المتن.
وخرج الدماميني الآية على أن "يبخل" قد ضمن معنى يبعد، أي ومن يبخل فإنما يبعد الخير عن نفسه.
4 الشاعر: هو: ذو الإصبع العدواني؛ واسمه الحارث بن محرث؛ وقيل "الحرثان" ينتهي نسبه إلى مضر، شاعر حكيم شجاع جاهلي لقب بذي الإصبع؛ لأن حية نهشت إصبع رجله، وقيل: لأنه كانت له إصبع زائدة، عاش طويلا، وشعره مملوء بالحكمة والفخر. مات حوالي 22ق. هـ. الشعر والشعراء: 2/ 708، تجريد الأغاني: 353، الأغاني: 3/ 2، الاشتقاق: 163، الأعلام: 2/ 173.