والغالب على "رب" المكفوفة" أن تدخل على فعل ماض، كهذا البيت1.
وقد تدخل على مضارع منزل الماضي؛ لتحقق وقوعه؛ نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: كثيرا ما أنزل على الجبال العالية في مهب الرياح العاتية، متحملا المصاعب لأرقب الأعداء؛ فهو يفتخر بأنه يرقب الطليعة بنفسه متحملا المشاق ولا يعتمد على غيره في المراقبة.
الإعراب ربما: رب حرب جر شبيه بالزائد، يفيد التقليل، و"ما": حرف كاف لـ"رب" عن عمل الجر لفظا في الاسم الذي يليه؛ وهو مهيئ لهذا الحرف أن يدخل على الجمل. أوفيت: فعل ماض مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك؛ والتاء: في محل رفع فاعل. "في علم": متعلق بـ"أوفى". ترفعن: فعل مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة؛ ونون التوكيد لا محل لها من الإعراب. ثوبي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء، منع من ظهروها اشتغال المحل بالحركة المناسبة لياء المتكلم؛ والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. شمالات: فاعل مرفوع مؤخر.
موطن الشاهد: "ربما أوفيت".
وجه الاستشهاد: اقتران "ما" الكافة بـ"رب" ومنعها إياها من عمل الجر؛ ودليل ذلك دخول "رب" على الجملة الفعلية؛ ولو بقي عمل "رب"؛ لدخل على الاسم.
1 لأن معناها التكثير أو التقليل، وهما إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهول، وإذا كانت "ما" كافة، و"رب" غير عاملة وجب وصلهما كتابة؛ فإن كانت "رب" عاملة وجب فصلهما.
2 15 سورة الحجر، الآية: 2.
موطن الشاهد: "ربما يود".
وجه الاستشهاد: دخول "رب" المكفوفة على فعل مضارع متحقق الوقوع؛ وحكم دخولها على الفعل المضارع الجواز مع القلة، كما في الآية الكريمة؛ وذكر ابن هشام في "المغني": إنما جاز دخول "ربما" على "يود"؛ "لأن المستقبل معلوم -عند الله تعالى- كالماضي، وقيل: هو على حكاية حال ماضية مجازا، مثل قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}؛ وقيل: التقدير ربما كان يود، وليس حذف كان من دون "إن" و"لو" الشرطيتين سهلا، ثم الخبر حينئذ -وهو "يود"- مخرج على حكاية الحال الماضية؛ فلا حاجة إلى تقدير كان، ولا يمتنع دخولها على الاسمية، خلافا للفارسي". انظر مغني اللبيب: 408، وشرح التصريح: 2/ 22.