First Previous Next Last

أن المراد بالخليل لازم معنى الخلة، وليست هي كخلة الناس مقتضية المساواة أو التفضيل. فالمراد منها الكناية عن عبودية إبراهيم في جملة {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. والمحيط: العليم.
[127] {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً}.
عطف تشريع على إيمان وحكمة وعظة. ولعل هذا الاستفتاء حدث حين نزول الآيات السابقة، فذكر حكمه عقبها معطوفا، وهذا الاستفتاء حصل من المسلمين بعد أن نزل قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:3] الخ. وأحسن ما ورد في تفسير هذه الآية ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قالت: يابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. وأن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله تعالى {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}. قالت عائشة: وقول الله تعالى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال؛ قالت: فنهوا عن أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهن عنهن إذا كن قليلات المال والجمال، وكان الولي يرغب عن أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها. فنزلت هذه الآية.
فالمراد: ويستفتونك في أحكام النساء إذ قد علم أن الاستفتاء لا يتعلق بالذوات، فهو مثل قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:23]. وأخص الأحكام بالنساء: أحكام ولايتهن، وأحكام معاشرتهن. وليس المقصود هنا ميراث النساء إذ لا خطور له بالبال هنا.
وقوله {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} وعد باستيفاء الإجابة عن الاستفتاء، وهو ضرب من