تدفعونها لهن، فلا توفوهن مهور أمثالهن، والكل يعد مكتوبا لهن، كما دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها وعلى الوجهين يجيء التقدير في قوله {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} ولك أن تجعل الاحتمالين في قوله {مَا كُتِبَ لَهُنَّ} وفي قوله {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}. مقصودين على حد استعمال المشترك في معنييه.
وقوله {والمستضعفين} عطف على {يتامى النساء}، وهو تكميل وإدماج، لأن الاستفتاء كان في شأن النساء خاصة، والمراد المستضعفون والمستضعفات، ولكن صيغة التذكير تغليب، وكذلك الولدان، وقد كانوا في الجاهلية يأكلون أموال من في حجرهم من الصغار.
وقوله {وَأَنْ تَقُومُوا} عطف على {يتامى النساء}، أي وما يتلى عليكم في القيام لليتامى بالعدل. ومعنى القيام لهم التدبير لشؤونهم، وذلك يشمل يتامى النساء.
[130,128] {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً}.
عطف لبقية إفتاء الله تعالى، وهذا حكم اختلال المعاشرة بين الزوجين، وقد تقدم بعضه في قوله {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء:34] الآية، في هذه السورة، فذلك حكم فصل القضاء بينهما، وما هنا حكم الانفصال بالصلح بينهما، وذلك ذكر فيه نشوز المرأة، وهنا ذكر نشوز البعل. والبعل زوج المرأة. وقد تقدم وجه إطلاق هذا الاسم عليه في قوله {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} في سورة البقرة [228].
وصيغة {فلا جناح} من صيغ الإباحة ظاهرا، فدل ذلك على الإذن للزوجين في صلح يقع بينهما. وقد علم أن الإباحة لا تذكر إلا حيث يظن المنع، فالمقصود الإذن في صلح يكون بخلع: أي عوض مالي تعطيه المرأة، أو تنازل عن بعض حقوقها، فيكون مفاد هذه الآية أعم من مفاد قوله تعالى {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229]، فسماه هناك افتداء، وسماه هنا صلحا. وقد شاع في الاستعمال إطلاق